الألغام في اليمن "الكارثة المدفونة"

الألغام في اليمن "الكارثة المدفونة"
الألغام في اليمن "الكارثة المدفونة"

خطر الألغام ومخلفات الحرب على اليمنيين

بقلم/ محمد عبدربه ناصر - ناشط حقوقي

لم يكن يعرف علي الجماعي (43عام) ان مصدر رزقه سيكون سبباً في إعاقته الدائمة حينما داس على لغم فردي في سائلة رغوان شمال محافظة مأرب مما أدى الى بتر في طرفه السفلى من الساق وكسور متعددة في الطرف الأخر علي الجماعي وهو يرعى الأغنام لمواطنين في المنطقة بتاريخ 12 مارس 2023م ليدوس على لغم فردي مما أدى الى أصابته ونقله الى مستشفى مأرب العام وتعتبر هذه السائلة هي منطقة حدودية بين مناطق سيطرة جماعة انصار الله الحوثيين وقوات الحكومة الشرعية المعترف بها دولياُ.

عبد الفتاح القفيلي (14عام) حكاية اخرى لأطفال أضحوا بلا أطراف كضحية للغم ظن أنه لعبة حينما وجده لينفجر به في الوقت الذي كان في انتظار زملائه والذهاب الى المدرسة في منطقة المحجزة بمديرية صرواح بتاريخ 10 أكتوبر 2020 غير ان لعبته خلفت جروحاً لن تندمل وستظل ترافقه طيلة حياته فقد أصبح اليوم بطرف صناعي بالإضافة الى انه يعيش بلا طحال كون الاطباء قرروا استئصالها لعدم صلاحيتها كإثر من أثار اللغم الذي انفجر بينما كان يلعب به.

لم يكن الجماعي وعبد الفتاح وحدهما هم من فقدوا أطرافهم خلال هذه الحرب جراء انفجار الالغام المزروعة في القرى والأحياء السكنية والمناطق الزراعية ومناطق رعي الأغنام غير ان أعداد الضحايا في ارتفاع ملحوظ يوما بعد اخر، في دراسة اصدرتها منظمة رعاية الأطفال في مارس 2023 بعنوان "ارث أطفال اليمن القاتل من الذخائر المتفجرة" كشفت المنظمة ارتفاع عدد ضحايا الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة من الأطفال من ١ كل ٥ ايام في عام ٢٠١٨ الى طفل كل يومين في عام ٢٠٢٢م، وأن عام ٢٠٢٢ كان أكثر من نصف ضحايا الألغام والذخائر غير المنفجرة هم من الأطفال، وأوضحت الدراسة أن ضحايا القتل والاصابة من الأطفال خلال ذات العام بسبب الألغام والذخائر غير المنفجرة بلغ عدد ٦٥٧ طفل يمني.[1] قول الأمم المتحدة إن الحرب أدت إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم وتقول جماعات حقوقية إن الجانبين تسببا في أعمال عنف عشوائية من بينها ما زرعه الحوثيون من ألغام محرمة مضادة للأفراد.[2]

على مدى السنوات العديدة التي مرت، عانى اليمن من تبعات وخيمة نتيجة استخدام الألغام كوسيلة للحرب والتصعيد العسكري. وتعد زراعة الألغام في اليمن واحدة من الأساليب القذرة التي استخدمتها الأطراف المتحاربة لتحقيق أهدافها العسكرية. ومع ذلك، فإن الأثار السلبية لزراعة الألغام تتجاوز الحرب الفعلية، حيث تؤثر بشكل كبير على السكان المدنيين والمجتمعات المحلية في اليمن.

أحد الأثار الأكثر وضوحًا لزراعة الألغام هو الخطر الذي يواجهه الأفراد يومياً، اذ تشكل خطرًا كبيرًا على الحياة البشرية، وخاصة الأطفال والنساء والمزارعون ورعاة الماشية، الأمر الذي يؤدي الى وقوع العديد من الإصابات والوفيات، وتتضمن الإصابات فقدان الأطراف والعمى والحروق الشديدة، مما يؤثر على الضحايا وأسرهم ويترك آثارا نفسية وجسدية دائمة.

بالإضافة إلى الخسائر البشرية، تؤثر الألغام أيضًا على البنية التحتية والتنمية الاقتصادية لليمن. فعندما تنتشر الألغام في مناطق الزراعة والمواقع الحيوية الأخرى، يتعذر على السكان المحليين الوصول إلى أراضيهم ومواردهم الأساسية. كما أن الألغام تعيق أيضًا جهود إعادة الإعمار والتنمية، حيث يتعين اتخاذ تدابير أمنية إضافية وتخصيص موارد لتطهير الألغام وتأمين المناطق المتضررة.

في تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش قالت المنظمة أدى استخدام قوات الحوثيين للألغام في المناطق التي تحتوي على أعيان ضرورية البقاء على قيد الحياة، منها الأراضي الزراعية ومصادر المياه، والبنية التحتية للمياه في تجويع المدنيين وتفاقم الأزمة، ووفقا لـ "مواطنة لحقوق الإنسان" و"غلوبال رايتس كومبليانس". لم تشارك قوات الحوثيين أي خرائط مع سلطات إزالة الألغام، في انتهاك لالتزاماتها بموجب اتفاقية الألغام.

ويجعل انخفاض كلفة تصنيع الألغام منها سلاحًا شائعًا في العديد من النزاعات. وينتشر استعمال الألغام على نطاق واسع بصورة عامة للحيلولة دون الوصول إلى الأراضي أو لنشر الرعب بين السكان، وبذلك، يكون لها تأثير مدمّر على السكان المدنيين الذين هم الضحايا الرئيسيون والذين يستمرّون في المعاناة من آثارها لسنوات وحتى لعقود بعد استعادة السلام. وتقدّر اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعرّض ألفي شخص، ثلاثة أرباعهم من المدنيين، للإصابة أو الموت بسببها كل شهر. واستنادًا إلى تقديرات منظمة اليونيسف، أصيب مليون شخص بسبب الألغام منذ عام 1975، ثلثهم من الأطفال دون سنّ الخامسة عشرة.

تاريخ الألغام في اليمن

عانى اليمن من ظاهرة زراعة الألغام منذ تفجر الصراعات السياسية والعسكرية في ستينيات القرن الماضي مرورا بحروب المناطق الوسطى وأحداث 1994 وما بعدها. وفي مطلع القرن الحالي، كان اليمن أول بلد عربي ينهي عملية تحطيم مخزونه من الألغام المضادة للأفراد.

وأكد المركز الوطني اليمني لمكافحة الألغام، أن اليمن بموجب توقيعه على معاهدة أوتاوا لنزع الألغام، التي تنص على تحريم زرع وصنع واستيراد الألغام، فقد دمر مخزونه من الألغام بحلول 2007 – وبهذا كان اليمن قريبا من إعلانه خاليا من الألغام، إلا أنه نتيجة لاستمرار الصراع حينها بين جماعة أنصار الله (الحوثيون) والحكومة الشرعية فقد ازدادت ظاهرة زراعة الألغام منذ اندلاعه في بداية 2011 وازدياد حدته في 2014 حينما اقتحم الحوثيون صنعاء.

منذ ذلك الحين وحتى إعلان الهدنة في أبريل 2022 فقد زُرع عدد كبير من الألغام في مناطق الاشتباك في أكثر من محافظة، ناهيك عن زراعة الألغام في البحر الأحمر. وللأسف، لا توجد خرائط واضحة عن مناطق زراعتها ما يجعل محاولة نزعها في المستقبل أمرا في غاية الصعوبة. يعد اليمن، الآن، من أكثر الدول التي تنتشر فيها زراعة الألغام- المحظورة عالمياً.[3]

رصد تقرير صادر عن المركز الأمريكي للعدالة حالات القتل والإصابة وتدمير الممتلكات الخاصة، بفعل الألغام التي انفردت جماعة أنصار الله الحوثيين، عن بقية أطراف النزاع، بزراعتها في (17) محافظة يمنية دارت فيها معارك الحرب، خلال الفترة من يونيو 2014، وحتى فبراير 2022.

كشف التقرير عن مقتل (2526) من المدنيين، منهم (429) طفلا و(217) امرأة، وإصابة (3286) آخرين، منهم (723) طفلا و(220) امرأة، في (17) محافظة يمنية، وأن 75% من المصابين بالألغام تعرضوا للإعاقة الدائمة أو التشويه الملازم لهم طيلة حياتهم. التقرير أكد تدمير (425) من وسائل النقل الخاصة المختلفة بشكل كلي و(163) بشكل جزئي بسبب الألغام الأرضية، ومقتل (33) من العاملين في مشروع مسام السعودي لنزع الألغام في اليمن منهم (5) خبراء أجانب وإصابة (40) آخرين.[4]

منظمة مواطنة لحقوق الإنسان لاحظت ارتفاع ارقام أعداد ضحايا الألغام خلال عام 2022 وخاصة بعد سريان الهدنة الأممية، حيث وثقت المنظمة ما يقارب ثلاثة أضعاف الوقائع التي وثقتها في العام 2021، المنظمة أكدت توثيقها ما يقارب (135) واقعة انفجار ألغام، راح ضحيتها (96) قتيلاً مدنيا، بينهم (41) طفلا، و (3) نساء، بالإضافة الى جرح (164) مدنيا، بينهم (96) طفلا و (9) نساء وقد تركزت هذه الوقائع في محافظات الحديدة. حجة، الجوف البيضاء، مأرب، صنعاء، تعز، وصعدة. تتحمل جماعة أنصار الله (الحوثيين) مسؤولية زراعة جميع هذه الألغام. باستثناء 9 وقائع حيث لم تستطع (مواطنة) تحديد الطرف المنتهك فيها.

تقرير مواطنة (مأساة حتى اشعار اخر) أكدت توثيقها أيضاً خلال عام 2022 قرابة (102) من وقائع أجسام متفجرة ومخلفات حرب، راح ضحيتها ما لا يقل عن (51) مدنيا، منهم (36) طفلا و (4) نساء، وجرح (207) مدنيون، بينهم (118) طفلا و (15) امرأة.[5]

الألغام والمخلفات الحربية في ميزان القانون الدولي الإنساني

الألغام هي موادّ صمِّمت لتوضع تحت، أو فوق، أو بالقرب من الأرض ولتنفجر بسبب وجود أو اقتراب أو تماس شخص بها (في حالة الألغام الأرضية المضادة للأفراد) أو مركبة (في حالة الألغام الأرضية المضادة للدبابات والمركبات). ويمكن أن تكون الألغام بحرية كذلك.[6]

يهدف القانون الدولي الإنساني (قانون الحرب) إلى الحد قدر الإمكان، من جسامة أعمال التدمير والمعاناة التي تلحق بالسكان المدنيين خلال النزاعات المسلحة، فهو يحظر كل الأسلحة التي تسبب بطبيعتها معاناة لا مبرر لها، والمسببة إعاقة أو عجزاً دائم لضحاياها والتي تتخطى الهدف المشروع من استخدام السلاح وما نص بشأنها إعلان سان بطرسبورج.

يُقيِّد القانون الإنساني العرفي أيضًا استخدام الألغام الأرضية. وتنص القاعدة 81 من دراسة القانون الدولي الإنساني العرفي على أنه “يجب إيلاء عناية خاصة لدى استخدام الألغام الأرضية للتقليل من آثارها العشوائية”. وتُذكِّر القاعدة 83 بأنه “عند انتهاء العمليات العدائية الفعلية يقوم طرف النزاع الذي استخدم ألغامًا أرضية بإزالتها أو إبطال ضررها على المدنيين أو تسهيل إزالتها”. وتنطبق القاعدتان 81 و83 في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. وتنص القاعدة 82 على أنه “يقوم طرف النزاع الذي يستخدم الألغام الأرضية بتسجيل مواقعها كلما أمكن ذلك”. وهي تنطبق حسب القانون العرفي على النزاعات المسلحة الدولية ويمكن القول بأنها تنطبق أيضًا في النزاعات غير الدولية.

وفي حين أن الهدف المشروع الوحيد الذي يجب أن تسعى إليه الدول أثناء الحرب هو إضعاف قوات العدو العسكرية ويتحقق ذلك بتحييد الجندي ومنعه من إمكانية الاستمرار في المعركة دون إحداث إصابات جسيمة تتجاوز هذا الهدف، فأن سلاح يتجاوز مفعوله ذلك يعد سلاحا محرما في القانون الدولي الإنساني. وتعد الألغام والعبوات والشرائك الخداعية لاسيما المضادة للأفراد هي أكثر الأسلحة اشتمالاً على دواعي الحظر، فبعد انتهاء الصراع المسلح، تكمن الألغام الأرضية للمدنيين مدة طويلة في باطن الأرض فتضمر لهم الموت والجراح والإعاقات الدائمة.

لقد وضعت اتفاقيات جنيف الأربع للعام 1949 وبروتوكولاها الإضافيان للعام 1977 لاحقًا القيود المنظمة لاستخدام الأسلحة، وهذه القيود تعتبر حاليًّا ملزمة لكلّ الدول. وبعض هذه القواعد الرئيسية هي كما يلي:

  • يجب على أطراف النزاع التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، ويجب أن يراعوا عند استخدامهم للأسلحة احترام هذا الأمر.
  • يجب ألا تستخدم الأسلحة بطريقة غير مطابقة للمعايير العسكرية المحترفة أو بطريقة لا تتطلبها المصلحة العسكرية أو ردًّا على تهديد عسكري مفترض.
  • يجب على أطراف النزاع (وبالتحديد على قادتهم) الالتزام باتّخاذ احتياطات مؤكدة أثناء الهجمات لجعل إمكانية تأثير تلك الأسلحة محدودة على المدنيين وعلى الأعيان المدنية.

والغاية من هذه الضوابط هي تقليل حجم الدمار الشامل أو المعاناة غير الضرورية.[7] هناك أحكام حرب معينة تحظر أو تقيد استعمال الألغام والفخاخ المتفجرة وأجهزة أخرى. وتقوم هذه القيود على مبدأين اثنين:

  1. يجب استعمال الألغام دائمًا بطريقة تجعل من الممكن ضمان عدم إيقاع ضرر عشوائي بلا تمييز، وإصابة السكان المدنيين بقدر الأذى الذي يلحق بالأهداف العسكرية.
  2. يجب أن يقتصر استعمال الألغام على فترة العمليات العدائية. ومن أهم مبادئ قوانين الحرب هي ضرورة وجود تمييز بين أوقات السلام والحرب، بما يعني ضرورة تقييد الأسلحة المستعملة والرقابة عليها.

هذه المبادئ مستمدة من قوانين وأعراف الحرب وخاصة اتفاقيات جنيف ولاهاي، الملزمة لجميع الدول. إذ تعيد المعايير والأحكام المنصوص عليها في هذه الاتّفاقيات تأكيد المبدأ القائل بضرورة تناسب الهجمات مع الأهداف التي يراد تحقيقها ويجب أن تميّز بين المدنيين والمقاتلين.

حظر استعمال الألغام: اتفاقيّة 1997 لحظر الألغام[8]

بعد مواجهة طريق مسدود بشأن تنظيم استعمال الألغام، أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر والكثير من المنظمات غير الحكومية حملة دولية لحظر الألغام الأرضية. وتهدف الحملة إلى حظر إنتاج واستعمال الألغام المضادة للأفراد. وقد فشلت الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية في بداية جهدها للحصول على التزامات صريحة من الدول بهذا الخصوص في مؤتمر المراجعة الذي انعقد لتدارس اتفاقيّة الأسلحة التقليدية. إلَّا أن الدول تبنّت في نهاية الأمر اتفاقيّة حظر استعمال وتكديس وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام (اتفاقيّة حظر الألغام)، بمبادرة من كندا وبدعم من الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية - في أوسلو، بالنرويج وذلك في 18 أيلول/ سبتمبر 1997. وقد بدأ التوقيع عليها في أوتاوا بكندا في 3 كانون الأول/ ديسمبر 1997، ودخلت حيّز التنفيذ في الأول من آذار/ مارس 1999. ويبلغ عدد الدول الأطراف في اتفاقيّة حظر الألغام حاليًّا 162 دولة عضوًا إلّا أن الدول الرئيسية المنتجة للألغام ترفض الالتزام بالاتّفاقيّة. وهذه الدول هي الولايات المتحدة، وروسيا الاتحادية، والصين، والهند، وباكستان.

وتحظر اتفاقيّة حظر الألغام التي دخلت حيّز التنفيذ في 1 آذار/ مارس/ 1999 الألغام المضادة للأفراد. وهذه الألغام “مصممة لتنفجر بوجود أو اقتراب أو تماس شخص وتؤدي إلى إعاقة وإصابة أو قتل شخص أو أكثر” وتتعهّد كل دولة عضو في الاتفاقية:

  • بعدم استعمال الألغام المضادة للأفراد على الإطلاق وبكافة الأحوال وتتعهّد بضمان عدم قيام أي شخص باستعمالها في أراضيها (المادة 1-1- أ).
  • بعدم “تطوير، وإنتاج واكتساب وتخزين والاحتفاظ أو نقل الألغام المضادة للأفراد بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى أي شخص” بأي حال من الأحوال (المادة 1-1- ب).
  • بتدمير جميع مخزون الألغام المضادة للأفراد التي تمتلكها أو تلك التي تحت سلطتها أو سيطرتها، خلال فترة لا تزيد عن أربع سنوات بعد أن تدخل الاتّفاقيّة حيّز التنفيذ بالنسبة لتلك الدولة (المادة 4).
  • بتدمير جميع “المناطق الملغومة” - التي تعرف بأنها منطقة خطرة بسبب وجود ألغام فيها أو الشك بوجود ألغام فيها، خلال عشر سنوات (المادة 5-1).
  • تقديم تقرير سنوي إلى الأمم المتحدة بشأن إجراءات التنفيذ الوطنية التي تتخذ بما يتفق والمعاهدة. وفي الحقيقة، فإن الدول الأطراف مُلزَمة بسنّ “جميع الإجراءات القانونية والإدارية والإجراءات الأخرى بما في ذلك فرض عقوبات جزائية لمنع وقمع أي نشاط محظور يقوم به أشخاص أو على أرض تحت سلطتها أو سيطرتها (المادة 9).[9]

الألغام كجريمة في التشريع الوطني

وقعت الجمهورية اليمنية على معاهدة حظر الألغام في 4 ديسمبر 1997 وصادقت عليها في 1 سبتمبر 1998 ودخلت في حيز النفاذ في مارس 1999 والتزمت اليمن بعدم استخدام الألغام المضادة للأفراد تحت أي ظرف من الظروف، ومنع الأنشطة المحظورة بموجب المعاهدة.[10]

وفي أبريل 2002، أبلغ اليمن الأمم المتحدة أنه انتهى من تدمير مخزونه الذي يحوي أربعة أنواع من الألغام المضادة للأفراد، كما هو مطلوب بموجب المعاهدة. ومع ذلك، ظهرت أنواع أخرى من الألغام المضادة للأفراد التي لم يبلغ اليمن عن حيازتها سابقاً قد ظهرت في البلاد.

عام 2005م أقر مجلس النواب اليمني قانون (حظر إنتاج الألغام المضادة للأفراد وحيازتها واستعمالها ونقلها والاتجار بها) ويحظر القانون زراعة الالغام المضادة للأفراد أو حيازتها او إنتاجها واستيرادها والإتجار بها أو نقلها أو حفظها داخل أراضي الجمهورية اليمنية أو على أرض دولة اخرى طرف في الاتفاقية، ويفرض القانون عقوبات على كل من خالف اي مادة من مواد هذا القانون.[11]

الجهود الدولية والمحلية في نزع الألغام في اليمن

أنشئت دائرة الأمم المتحدة في عام 1997، وتقوم بقيادة وتنسيق وتنفيذ جهود الأمم المتحدة للقضاء على الألغام الأرضية وأخطار المتفجرات والتخفيف من تأثيرها على حياة الناس.

في السنوات الأخيرة، دعمت دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام وما زالت تقدم المساعدة في أبيي ، أفغانستان ، بوركينا فاسو ، جمهورية أفريقيا الوسطى، كولومبيا، قبرص، جمهورية الكونغو الديمقراطية، إثيوبيا، العراق، لبنان، ليبيا، مالي، النيجر، نيجيريا، دولة فلسطين والصومال وجنوب السودان والسودان وسوريا وإقليم الصحراء الغربية واليمن.[12]

يستخدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مجموعة من الاجراءات لمنع وإزالة تهديد الألغام والمتفجرات، بما في ذلك التوعية بالمخاطر وتقييم المتفجرات وإزالتها وإعادة تأهيل الضحايا. يلعب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي دوراً حاسماً في دعم المؤسسات الوطنية للقيام بعمليات ازالة الألغام بشكل مستقل.

في يوليو 2022م زوّد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي شريكه الوطني، المركز اليمني التنفيذي لنزع الألغام، بعدد 36 سيارة (20 منهم نوع هايلوكس، وثمان شاحنات، وثمان سيارات إسعاف) و300 جهاز كاشف للألغام لتسهيل أعمالهم اليومية في عدن والمحافظات المجاورة.

بحسب المسؤول الاممي أن هذا الدعم يأتي مكملاً للجهود التي تم تقديمها في صنعاء في مايو 2019. سيتم استخدام هذه السيارات وأجهزة الكشف عن الألغام لتسريع عمليات إزالة الألغام، مما يضمن عودة النازحين داخليًا ومساعدة الاقتصاد على التعافي من خلال تمكين المجتمعات من إعادة الاستفادة من أراضيهم وإنتاج المحاصيل.

يقول الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، السيد أوكِ لوتسما: "إن هذا الدعم يترجم التزامنا بدعم الأنشطة الإنسانية الطارئة للمركز في جميع أنحاء اليمن". "لضمان سلامة اليمنيين وتحريك عجلة النمو الاقتصادي، يساعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المركز اليمني التنفيذي لمكافحة الألغام على إزالة المتفجرات من مخلفات الحرب والألغام الأرضية من الأحياء السكنية وورش العمل والأراضي الزراعية والمصانع حتى يتمكن الناس من استئناف حياتهم الطبيعية.[13]

وخلال المرحلة الأولى من مشروع نزع الألغام الطارئ التابع للأمم المتحدة فقد "تم إجراء عمليات مسح وتطهير للأراضي في 21 محافظة و233 مديرية، وتطهير أكثر من 23 مليون متر مربع من الأراضي.  وتم إزالة ما يقرب من 635,000 قطعة من الذخائر المتفجرة، وبدأت المرحلة الثانية في أكتوبر2021 وتستمر حتى 30 ديسمبر2026.

منتصف العام 2018م أعلن مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية عن برنامجه مسام والذي يهدف الى تطهير الأراضي اليمنية من الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة، وتدريب كوادر وطنيه يمنيه على نزع الألغام بالإضافة الى وضع آلية تساعد اليمنيين على امتلاك خبرات مستدامة لنزع الألغام-بحسب موقع المشروع.[14]

المشروع أعلن مؤخراً المشروع ان فرقه الميدانية تمكنت شهر خلال شهر 2024م، من انتزاع 797 لغمًا في مختلف مناطق اليمن، منها لغم واحد مضاد للأفراد و110 ألغام مضادة للدبابات، و681 ذخيرة غير منفجرة، و5 عبوات ناسفة، ليرتفع عدد الألغام والعبوات والذخائر غير المنفجرة التي تم انتزاعها من منتصف عام 2018 وحتى الان الى 438 ألفًا و413 لغمًا زُرعت بعشوائية في مختلف الأراضي اليمنية.[15]

يرى كثير من نشطاء حقوق الانسان ان الجهود الدولية في نزع الألغام المزروعة في اليمن لا يزال محدود جداً حتى الان، مقارنة بحجم الكميات الكبيرة المزروعة من هذه الألغام في اليمن لاسيما التي زرعت خلال هذه العشر السنوات الأخيرة.

 

المراجع:

[1] تقرير انقاذ الطفولة "ارث أطفال اليمن القاتل من الذخائر المتفجرة 2023: https://n9.cl/f02c1

[2] تقرير بموقع رويترز : https://www.reuters.com/article/idUSKCN1GK2RF/

[3] تقرير صحفي بصحيفة اليوم السابع المصرية بتاريخ 11 فبراير 2023

[4] الألغام القاتل الاعمى -تقرير صادر عن المركز الأمريكي للعدالة – فبراير 2022

[5] مأساة حتى اشعار اخر – تقرير صادر عن منظمة مواطنة لحقوق الانسان 2023م

[6] القاموس العلمي للقانون الإنساني الدولي

[7] القاموس الدولي الإنساني: https://ar.guide-humanitarian-law.org/content/article/5/lgm/

[8] اتفاقية حظر الألغام: https://www.icrc.org/ar/doc/resources/documents/misc/5ntd7w.htm

 

[9] https://www.icrc.org/ar/doc/resources/documents/misc/5ntd7w.htm

[10] المركز الوطني للمعلومات: https://yemen-nic.info/contents/Politics/itefaqeya.php

[11] قانون حظر إنتاج الألغام المضادة للأفراد وحيازتها واستعمالها ونقلها والاتجار بها:

https://yemen-nic.info/db/laws_ye/detail.php?ID=11868

[12] موقع الأمم المتحدة: https://peacekeeping.un.org/ar/mine-action

[13] المصدر السابق.

[14] مشروع مسام: https://projectmasam.com/%d8%ad%d9%88%d9%84-%d9%85%d8%b3%d8%a7%d9%85-2/

[15] مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.

Related Posts