أنماط الانتهاكات التي تعرض لها النازحين داخلياً في مأرب
قالت منظمة مساءلة لحقوق الانسان اليوم أن جميع أطراف النزاع في اليمن قد فشلت في الوفاء بالتزاماته باتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدنيين من آثار الأعمال القتالية، والالتزام بمبادئ التمييز والتناسب والحيطة في الهجمات. كما أن أطراف النزاع، ولا سيّما الحوثيون، يواصلون شن هجمات عشوائية محظورة بموجب القانون الدولي الإنساني وأن أطراف النزاع تخفق باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة للتقليل من الإصابات بين المدنيين.
وكشف تقرير جديد أصدرته منظمة مساءلة اليوم الثلاثاء عن سقوط ضحايا مدنيين وتضرر آخرين من النازحين داخلياً في محافظة مأرب جراء تعرضهم لأنماط مختلفة وانتهاكات متعددة ارتكبتها اطراف النزاع وطالت الحقوق والحريات الإساسية للنازحين داخلياً، وتضمنت استهداف المدنيين بشكل مباشر، والألغام والقذائف غير المتفجرة، وتجنيد الأطفال، والاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء التعسفي، والقتل التعسفي.
واحتوى تقرير “النازحون داخلياً وويلات النزاع” على أكثر من (30) واقعة لهجمات عسكرية برية وجوية، و (9) وقائع انفجار الغام واجسام متفجرة، و (14) واقعة اعتقال تعسفي واخفاء قسري وتعذيب، و (5) وقائع تجنيد أطفال، بالاضافة الى (3) وقائع قتل تعسفي خارج إطار القانون قامت بها الأطراف المتصارعة في اليمن والحقت الاضرار البشرية والمأدية في أوساط النازحين داخلياً في محافظة مأرب، حيث سقط بسببها أكثر من 100 ضحية بين قتيل و جريح في صفوف النازحين، معظمهم من النساء والأطفال، وتسبب الاستهداف المباشر للقرى والمدن في نزوح الآلاف منها.
وقال مهدي بلغيث، رئيس منظمة مساءلة لحقوق الإنسان: ” يتعرض النازحون داخلياً لشتى صنوف الانتهاكات، بدءاً من عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إليهم، وحتى استهدافهم عسكرياً، وهو ما ضاعف من مأساتهم ومعاناتهم، حيث أدى القصف الجوي والبري على المناطق الآهلة بالسكان، والاستهداف المباشر لمخيمات ومواقع النزوح في محافظة مأرب إلى خسائر بشرية بالغة في أوساط المدنيين وأضرار في الممتلكات المدنية.”
وأظهرت نتائج البحث الميداني الذي أجرته منظمة مساءلة أن هذه الانماط من الانتهاكات قد أدت إلى خلق أوضاع نفسية واقتصادية واجتماعية مأساوية للضحايا وأسرهم مما يشير أيضاً إلى أن الاطراف ربما تستخدم هذه الانتهاكات لبث الرعب بين أفراد المجتمع؛ إذ لا يقتصر الشعور بانعدام الأمن والخوف الناجم عن الانتهاكات على أقارب الضحايا فحسب، بل يطال التجمعات المحلية والمجتمع بأكمله.
حيث أجرى الباحثين الميدانيين أكثر من 100 مقابلة باللغة العربية مع ضحايا، وذوي ضحايا، وشهود عيان، والعاملين في المجال الطبي والإنساني، خلال الفترة من سبتمبر – ديسمبر 2022م، وتمت مراجعة وتدقيق المعلومات من قبل فريق وحدة الرصد والتوثيق في المنظمة، واعتمدت هذه الأبحاث على الحصول على الشهادات والمعلومات بشكل مستقل وآمن من مصادرها الأساسية، وعلى الأخص تلك المتعلقة بوقائع انتهاكات حقوق الإنسان.
ويشار إلى ان التقرير يغطي القضايا التي استطاعت مساءلة لحقوق الإنسان من التحقق منها وتوثيقها والوصول الى الضحايا وشهود اعيان، والتي تعتبر أمثلة لانماط مختلفة وانتهاكات متعددة ارتكبتها اطراف النزاع بحق النازحين داخلياً، ولا يغطي التقرير جميع الانتهاكات المرتكبة من مختلف أطراف النزاع.
وبحسب توصيات التقرير، أوصت منظمة مساءلة جماعة أنصار الله (الحوثيين) بالكف فوراً عن استخدام الألغام بكافة أنواعها في مناطق مدنية، وسرعة الكشف عن المناطق المزروعة بالألغام، والتعاون التام والكامل مع جميع الجهات المعنية لنزعها من المناطق غير العسكرية التي يستخدمها أو قد يستخدمها مدنيون.
ودعت التوصيات أيضاً جميع أطراف النزاع بالتزاماتهم القانونية والإنسانية والأخلاقية، وإدانة جميع الانتهاكات باعتبارها جرائم بموجب القانون الدولي والوطني بما في ذلك، حماية المدنيين والأعيان المدنية أثناء النزاع، والالتزام بمبادئ التمييز والتناسب والحيطة والحذر في الهجمات، و وقف شن هجمات عشوائية محظورة بموجب القانون الدولي الإنساني واتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدنيين من آثار الأعمال القتالية.
وتُذكر منظمة مساءلة جميع أطراف النزاع بضرورة اتخاذ التدابير الرامية إلى منع الأزمات والنزاعات المفضية الى النزوح او التهجير القسري، سواء كان التهجير القسري تعسفياً أو مسموحاً به، فيقع على عاتق السلطات واجب تقديم المساعدة والحماية للنازحين داخلياً ودعم التوصل إلى حلول دائمة لهم. يجب أن تركز التدابير الوقائية على معالجة الظروف التي تفضي إلى النزوح وعلى حماية الناس من الاضطرار إلى مغادرة ديارهم، وفقاً للمعايير الدولية، ويجب ألا تعوق هذه التدابير المدنيين عن التماس الأمان أو أن تهدف إلى منع تنقل البشر.
وجددت منظمة مساءلة لحقوق الإنسان مطالبتها بتشكيل آلية دولية مستقلة للتحقيق في انتهاكات جميع أطراف النزاع في اليمن.