الإخفاء القسري في اليمن نتيجة مباشرة للإفلات من العقاب
فمنذ بداية النزاع في 2014، والتصعيد العسكري في 2015، تواصل الجهات الفاعلة ارتكاب جرائم الإخفاء القسري في كافة أنحاء اليمن، إلى جانب ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي. وتضم هذه الجهات التحالف العسكري بقيادة السعودية والإمارات، وجماعة أنصار الله (الحوثين)، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والسلطات الموالية لحزب الإصلاح، والقوات الإماراتية والجماعات المدعومة من الإمارات، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المشتركة. وفي الوقت نفسه، يتواصل إفلات الجناة من العقاب.
وحسبما تؤكد منظمات المجتمع المدني،[1] فإن أطراف النزاع احتجزت مئات اليمنيين في مراكز احتجاز، رسمية وغير رسمية، حيث اختفى وعُذب محتجزون، وتوفي بعضهم أثناء الاحتجاز. وبحسب المحامي الحقوقي اليمني عبد المجيد صبره، فإن «الاختفاء القسري والانتهاكات الأخرى التي يواجها المدنيون، بما في ذلك الأكاديميون والصحفيون والمدافعون عن حقوق الإنسان أو المعارضة المفترضة، تستهدف فرض الصمت فيما يتعلق بانتقاد السلطات، وتعزيز قبضتها من خلال نشر الخوف». وتضيف رضية المتوكل، المؤسس المشارك لمنظمة مواطنة لحقوق الإنسان، أن «القضاء اليمني عاجز عن محاسبة مرتكبي هذه الجرائم الخطيرة، ولا سلطة له على مرتكبي الجرائم من غير اليمنيين. كما أن السلطة القضائية المحلية غير قادرة على ربط جرائم محددة بالجناة، وإثبات تسلسل الحيازة للأدلة التي تجمعها لتلبية المعايير القانونية المطلوبة».
وفي هذا السياق، تقول سارة العريقي، الباحثة بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أنه «على المجتمع الدولي منح الأولوية القصوى لتشكيل آلية مساءلة جنائية دولية لجمع الأدلة وحفظها وتحليلها وإعداد ملفات القضايا والتواصل مع ضحايا الانتهاكات والجرائم الخطيرة، بما في ذلك الاختفاء القسري؛ تمهيدًا لمحاسبة الجناة».
كان فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن، قد توصل –من خلال الحالات محل التحقيق– لأن «أطراف النزاع تواصل ارتكاب جرائم الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب، بما في ذلك العنف الجنسي، في انتهاك واضح للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وقد تصل هذه الأفعال أيضًا مرتبة جرائم الحرب، بما في ذلك المعاملة القاسية والتعذيب، والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي والتعديات على الكرامة الشخصية». ويضيف تقرير فريق الخبراء الأمميين، أنه في العديد من الحالات التي تم التحقيق فيها «تُرتكب هذه الانتهاكات بحق أشخاص يُنظر إليهم على أنهم ضد طرف معين في النزاع، ومن بينهم المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون».
في سياق متصل، لا يزال حق الضحايا وأسرهم والمجتمع في معرفة الحقيقة بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان جانبًا مهملًا من جوانب الصراع في اليمن. تقول إحدى أمهات المعتقلين في أبين عن ابنها البالغ من العمر 26 عامًا قائلةً «اختطفوا ابني، وأخفوه، وعذبوه وقتلوه دون تهمة أو محاكمة، ثم دفنوا جثمانه ولم أتمكن من رؤيته». مضيفةً «بحثت عنه في أهم مراكز الاعتقال والسجون الأمنية والإدارات في أبين وعدن. وسألت جميع قادة الحزام الأمني الذين أعرفهم في أبين، وجميعهم لم يعرفوا مكان ابني منذ اختطافه، ولم أستطع مجرد معرفة التهمة الموجهة له».
ورغم ما نص عليه اتفاق ستوكهولم للسلام في 2018، بشأن موافقة أطراف النزاع على تبادل 15.000 معتقل، إلا أن الأمر اقتصر على تبادل 1056 معتقلاً فقط في أكتوبر 2020، في صفقة مدعومة من الأمم المتحدة بتيسير من مكتب مبعوث الأمين العام الخاص باليمن ولجنة الصليب الأحمر الدولية. كما شهدت عدة مناطق في اليمن إطلاق سراح الأشخاص المحتجزين تعسفيًا من جانب الوسطاء المحليين. ورغم الإقرار بأهمية هذه الجهود، إلا أنها لا تزال غير كافية؛ مقارنة بالعدد الهائل من الأشخاص الذين لا يزالون محتجزين تعسفيًا والمخفيين قسرًا من جانب أطراف النزاع.
وعليه، تدعو المنظمات الموقعة أدناه الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى:
- التدخل العاجل لضمان الإفراج عن جميع المحتجزين تعسفيًا والمختفيين قسرًا لدى أطراف النزاع بطريقة تضمن كرامتهم وسلامتهم وأمنهم.
- دعوة جميع الأطراف لضمان منح المحتجزين الحق في محاكمة عادلة، وإمدادهم بوسائل التواصل مع العالم الخارجي والحصول على استشارة قانونية. وتزويد أماكن الاحتجاز بالمرافق الصحية المناسبة، وضمان وصول المحتجزين للمرافق الصحية والحصول على الرعاية الصحية اللازمة.
- دعوة جميع الأطراف لضمان احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية في جميع أنحاء البلاد، وفقًا للقوانين الوطنية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، لا سيما اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية حقوق الطفل.
- مواصلة الرصد الدقيق لحالات الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري في اليمن والانتهاكات المرتكبة، وتقديم التوصيات لجميع أطراف النزاع بشأن واجباتها والتزاماتها بموجب القانون الدولي لضمان حماية المدنيين. والضغط على أطراف النزاع في اليمن للإفراج عن جميع المعتقلين والمحتجزين والكشف عن مصائر المختفيين قسرًا .
كما تناشد المنظمات الموقعة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة؛
- دعم الجهود المبذولة لتحقيق وضمان المساءلة من خلال دعم تشكيل هيئة تحقيق جنائية دولية لجمع الأدلة وتوحيدها وحفظها وتحليلها وإعداد ملفات القضايا وتحديد ضحايا الانتهاكات والجرائم الجسيمة، ومن بينهم أولئك الذين تم احتجازهم بشكل تعسفي واختفوا قسرًا في اليمن.
- دعوة جميع أطراف النزاع في اليمن؛ وهي التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وجماعة أنصار الله (الحوثين)، والسلطات الموالية لحزب الإصلاح في مأرب وتعز، والقوات الإماراتية والجماعات المتحالفة مع الإمارات، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي إلى:
- إلغاء جميع أحكام الإعدام.
- ضمان المشاركة الديناميكية والمنتظمة مع المجتمع المدني اليمني، والتركيز على مطالبهم وتطلعاتهم بشأن آليات صنع السياسات في اليمن.
- الكشف عن مصير المختفين واتخاذ خطوات عاجلة للتحقق من بيانات المحتجزين.
- تزويد أماكن الاحتجاز بمنشآت صحية ملائمة، وضمان وصول المحتجزين المنتظم للمرافق الصحية وحصولهم على الرعاية الصحية سريعة الاستجابة، بما في ذلك إتاحة اختبارات كوفيد-19 والتدخل الطبي المناسب دون تمييز.
- ضمان وصول مراقبي ظروف ومرافق الاحتجاز المعترف بهم إلى جميع أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، والوقوف على أوضاعها.
- ضمان الحق في محاكمة عادلة للمحتجزين، وإمدادهم بوسائل التواصل مع العالم الخارجي والحصول على استشارة قانونية.
- إعداد وحفظ ملفات وسجلات السجون في جميع مواقع الاحتجاز، بما في ذلك المواقع غير الرسمية، بما يتضمن تاريخ ووقت ومكان اعتقال كل شخص محتجز، واسمه وسبب احتجازه، واسم الوحدة أو الكيان المسئول عن الاحتجاز. وإتاحة هذه السجلات للأسر والمحامين، ولأولئك الذين لديهم مصلحة مشروعة في هذه المسألة. فضلاً عن توثيق جميع عمليات نقل المحتجزين في هذه السجلات، بما في ذلك المنقولين إلى خارج البلاد.
- نشر قوائم رسمية بأسماء جميع المحتجزين الذين لقوا حتفهم في في مرافق الاحتجاز والسجون، بما في ذلك مواقع الاحتجاز غير الرسمية، وإصدار شهادات وفاة لجميع المحتجزين المتوفيين على أساس فحوص الطب الشرعي الشاملة، وإتاحة هذه الوثائق بسهولة لذويهم .
- ضمان تزويد المحتجزين بوسائل التواصل مع العالم الخارجي إذا تم تعليق الزيارات الشخصية، وضمان حصولهم على حقهم في الإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك الحق في الطعن على قانونية احتجازهم، وعدم التأخر في فحص الطعون والذي من شأنه أن يجعل احتجازهم تعسفيًا.
قائمة الموقعين:
- منظمة العمل من أجل مناهضة العنف المسلح
- مؤسسة ضمير للحقوق والحريات
- مركز الآخر للسلام والتنمية
- ألف باء مدنية وتعايش
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- الحملة ضد تجارة السلاح
- مركز الدراسات الاستراتيجية لدعم المرأة والطفل
- مؤسسة دفاع للحقوق والحريات
- المدرسة الديمقراطية
- المنظمة الإلكترونية للإعلام الإنساني
- منظمة فوميكس
- مؤسسه (من حقي) لتمكين المرأة سياسيًا واقتصاديًا
- شبكة العمل القانوني العالمية لمناهضة الحرب والتسليح
- الكرامة لحقوق الإنسان
- المركز العالمي لمسؤولية الحماية
- مؤسسة هيومن لايف للتنمية والإغاثة
- مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان
- منظمة الراصد لحقوق الإنسان
- منظمة مساءلة لحقوق الإنسان
- منظمة مواطنة لحقوق الإنسان
- مؤسسة PASS سلام لمجتمعات مستدامة
- مؤسسة قرار للإعلام والتنمية المستدامة
- منظمة المراقب لحقوق الإنسان
- الأرشيف اليمني
- مركز ذاكرة الحقيقة والعدالة -اسطنبول
- منظمة للعمل من أجل السلام- بلجيكا
- منظمة رصد لحقوق الإنسان
- نساء من أجل السلام والديمقراطية- نيبال
- الشاهد
- مؤسسة يمن فيوتشر للتنمية الثقافية والاعلامية
- الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان
- مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي
- مرصد الحريات الاعلامية – اليمن
- Hearts On Venezuela