من العبث والجنون التفكير بخوض الحرب بلا نهاية في اليمن

 من العبث والجنون التفكير بخوض الحرب بلا نهاية في اليمن
 من العبث والجنون التفكير بخوض الحرب بلا نهاية في اليمن

حان وقت السلام

ميثاق العدالة من أجل اليمن

21 سبتمبر 2024

في اليوم الدولي للسلام. نود في تحالف ميثاق العدالة من أجل اليمن والمنظمات غير الحكومية الموقعة على البيان، أن نرفع صوتنا عالياً للمطالبة بإنهاء الصراع المدمر، وضمان العدالة الانتقالية للضحايا، من أجل سلام مستدام في اليمن. وفي هذه المناسبة نوجه نداءً إلى المنخرطين في الصراع في اليمن، لإطلاق التفكير لعقولهم من أجل بناء حصون السلام لليمنيين، بعيداً عن حساباتهم الخاصة، أو تنفيذاً لمصالح إقليمية ودولية. يجب على جميع الأطراف إدراك أنه بعد عشر سنوات من الاقتتال فيما بينها صار اليمن ممزق بشكل حاد ونسيجه الاجتماعي مفكك، والبؤس طال كل اليمنيين.

في هذا اليوم الذي حددته الأمم المتحدة كمناسبة عالمية "لوقف إطلاق النار في العالم كله وعدم العنف، من خلال التعليم والتوعية الجماهيرية" يتم الاحتفال هذا العام تحت شعار "معاً نحو سلام مستدام" ونشر ثقافته بين جميع الشعوب. بينما يواجه اليمن تحديات غير مسبوقة، وطبول الحرب تدق بقوة، إثر الهجمات التي تشنها جماعة أنصار الله (الحوثيين) على السفن التجارية في البحر الأحمر.

يعاني اليمن من حرب مستعرة منذ ما يقارب العشر سنوات. حيث بدء الصراع في عام 2014 بين جماعة أنصار الله (الحوثيين) وقوات الحكومة المعترف بها دولياً، أدى إلى تدخل عسكري من دول التحالف العربي بقيادة السعودية في مارس 2015. ومنذ ذلك الحين، تصاعدت وتيرة العنف في جميع المحافظات اليمنية. وأصبحت مناطق واسعة ساحة للمعارك -وبشكل خاص- تعرضت المدن الكبرى مثل صنعاء وعدن وتعز والحديدة لقصف جوي وبري عنيف. تسببت في أسوأ كارثة إنسانية على مستوى العالم، وتدمير البنية التحتية الحيوية مثل المستشفيات والمدارس وشبكات المياه والكهرباء.

تشير التقارير إلى أن أكثر من 250,000 شخص قد فقدوا حياتهم بسبب الحرب المباشرة أو نتيجة آثارها، مثل الجوع والأمراض. وأن الصراع في اليمن ضمن أكثر الصراعات تدميراً منذ نهاية الحرب الباردة. و بلغ إجمالي عدد النازحين في كافة مناطق اليمن منذ تصاعد الحرب عام 2015 نحو 4.5 مليون شخص، بينهم 1.3 مليون طفل. وانعكس الصراع على وضع التعليم، حيث أن 4,5 مليون طفل غير ملتحقين في المدارس، و6,2 مليون طفل ومعلم بحاجة إلى مساعدات في 2024.

شكلت الأعمال العدائية الاقتصادية عائقاً أمام تحقيق السلام في اليمن. فالاقتصاد الذي كان يعاني بالفعل قبل الحرب، انهار بشكل كبير. إن تكريس تفتيت البلد إلى منطقتين اقتصاديتين التي اتخذها الحوثيون زادت الأوضاع سوءاً. إلى جانب إعاقة تصدير النفط، وتقييد حركة الملاحة الجوية والبحرية، والازدواج الضريبي، وتوقف دفع الرواتب للموظفين الحكوميين. وفي نفس الوقت فإن للهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر تحدياً مضاعفاً أمام الاستقرار والخدمات العامة للمواطنين. في أحدث إصدار للبنك الدولي في يونيو الماضي فقد شهد اليمن انخفاضاً بنسبة 54% في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، مما يترك أغلب اليمنيين في دائرة الفقر.

بات اليمنيون يواجهون الجوع والكوارث، في ظل انقسام عسكري وسياسي حاد، انعكس على المؤسسات وقدرتها على التدخل. لقد تسببت الأمطار الموسمية الغزيرة بشكل استثنائي في أضرار واسعة النطاق، ونزوح في جميع أنحاء اليمن خلال أغسطس الماضي. تشير التقديرات إلى نزوح وتضرر أكثر من 500 ألف شخص، فيما وقف أطراف الصراع عاجزون عن مواجهة هذه الصدمة المناخية. عدى عن ذلك يشدد خبراء البيئة "أن السلام والأمن في اليمن مهددان بصورة متزايدة بسبب تراجُع الاستقرار البيئي. بسبب الصراع، والذي يؤدي ايضاً الى سوء الإدارة والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية، خاصة في ظل انهيار المؤسسات المسؤولة عن حماية البيئة وإدارة الموارد".

إن قلوبنا مع من يعانون اليوم من النساء والأطفال، إما من تأثيرات الحرب المباشرة، أو من تزايد نهج عدم المساواة بين النساء والرجال ومنع ممارسة أدوارهن في المجتمع. بسبب أطراف الصراع، والذي أظهرت أيضاً التأثير غير المتناسب لنمط الاقصاء والاستبعاد للنساء والشباب، في جهود السلام وصناعة القرار.

يتوق اليمنيون اليوم إلى إعادة بناء مؤسسات دولتهم، والوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية، تعلي قيم المواطنة، وتضع حقوق الإنسان والعدل، والمساواة أساس ،وجودها وكينونتها. ولأجل ذلك فإنه ليس هنالك من خيار أمام أطراف الصراع سوى السلام والتعايش. من العبث والجنون التفكير بخوض الحرب بلا نهاية. يجب أن تعي كل أطراف الصراع في اليمن أن اليمنيون تعبوا وآن لهم أن ينعموا بالسلام.

تشتد الحاجة اليوم إلى السلام. حان الوقت للبدء في إنعاش الجهود الدولية والوطنية لمفاوضات إنهاء الحرب، وتشجيع تدابير بناء الثقة. ودعم مشاركة المرأة والشباب والمجتمع المدني في مفاوضات الحل الشامل. في هذه المناسبة علينا التذكير أن التدخلات "السلبية" من جانب عدد من الدول الإقليمية لصالح الأطراف اليمنية، ساهم في زعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي وأضر بالأمن الإقليمي، وهو ما ينبغي أن يتوقف.

إن السلام يحتاج إلى حسن النوايا، وبناء الثقة. ويبدأ ذلك من ضمان حرية الرأي وحرية التعبير، وعدم تقييد عمل المجتمع المدني، ومنع كافة الإجراءات التي تعيق المساواة بين الرجال والنساء، ودعم بناء المؤسسات الوطنية بما فيها مؤسسات حقوق الإنسان. واعتماد هذه المفاهيم كجزء من التقاليد والمواقف التي ينبغي العمل عليها لتكريس ثقافة السلام.

التوصيات:

1.              دعوة المنخرطين في الصراع في اليمن إلى إعلان وقف فوري لإطلاق النار. والانخراط غير المشروط في مفاوضات مباشرة لإنهاء الحرب وإحلال السلام.

2.              يجب على أطراف الصراع احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وضمان حماية المدنيين في جميع الأوقات. ونشر ثقافة وتقاليد السلام على نطاق واسع، سيما بين الأطفال وفي المؤسسات العامة وعلى منصات الإعلام.

3.              إدراج العدالة الانتقالية ضمن محادثات السلام لضمان تحقيق العدالة والتعويض لضحايا النزاع، وضمان عدم إفلات المسؤولين عن الجرائم من العقاب. ومعالجة أسباب الصراع بما يفضي إلى منع تكرارها، وبناء دولة على أسس مدنية ديمقراطية.

4.              إعادة بناء الاقتصاد اليمني. يجب أن يكون أولوية رئيسية للمجتمع الدولي ومترافقاً مع الدعوة للسلام، ويشمل تقديم الدعم الفني والمالي لتمكين اليمنيين من إعادة بناء مؤسساتهم الاقتصادية، وتشغيل الخدمات العامة، وتحقيق استقرار العملة، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، وتوفير فرص العمل للشباب، وتقديم المساعدات الإنسانية.

5.              يجب تشكيل لجان تحقيق دولية مستقلة لإجراء تحقيقات شاملة وغير منحازة في جميع جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبت في اليمن منذ بدء النزاع.

الموقعون:

1.     منظمة مساءلة لحقوق الإنسان

2.     رابطة أمهات المختطفين (AMA)

3.     مؤسسة الامل الثقافية الاجتماعية النسوية (AWSF)

4.     مركز الدراسات الاستراتيجية لدعم المرأة والطفل (CSWC)

5.     مركز الإعلام الحر للصحافة الاستقصائية

6.     مؤسسة سد مأرب للتنمية الاجتماعية (MDF)

7.     منظمة سام للحقوق والحريات

8.     مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (SEMC)

9.     رصد لحقوق الإنسان (Watch4HR)

10.  التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (YCMHRV) 

11.  مؤسسة ضمير للحقوق والحريات

12.  منظمة خبراء للتنمية

13.  منظمة القحيطي الدولية للسلام

14.  مؤسسة إنسان التنموية HDF

15.  مركز الآخر للسلام والتنمية

16.  مؤسسة خطوات للتنمية المدنية

17.  مركز يمن ميديا جايد للتنمية

18.  مركز تنمية المرأة والطفل

19.  مؤسسة بصمة للتنمية والحقوق

20.  مؤسسة مسارات السلام

Related Posts