منظمات حقوقية تطالب بإطلاق سراح المختطفين فورًا، ووقف خطاب الكراهية التحريضي بحق الأقليات الدينية والبهائيين في اليمن
تدين المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه استمرار قوات جماعة أنصار الله (الحوثيين) إخفاء 11 بهائيًا، بعدما تم اختطافهم في 25 مايو الماضي، إثر اقتحام مسلحون لتجمع سلمي للبهائيين في العاصمة صنعاء. وتطالب المنظمات بإطلاق سراح المختطفين فورًا، ووقف خطاب الكراهية التحريضي بحق الأقليات الدينية والبهائيين في اليمن.
تعود تفاصيل الواقعة بحسب بيان صادر عن الجامعة البهائية العالمية، وهي منظمة حقوقية معنية بشئون البهائيين حول العالم، إلى مداهمة 4 مسلحين من قوات الحوثيين لتجمع سلمي للبهائيين في العاصمة صنعاء في 25 مايو، واعتقال 17 شخصًا، بينهم 5 نساء. كان هذا التجمع هو موعد الاجتماع السنوي للبهائيين وقد أطلعت المنظمات الموقعة على بيان الجامعة البهائية المزود بفيديو مصور لعملية الاقتحام.
وبحسب صبا حداد، ممثلة الجامعة البهائية لدى الأمم المتحدة في جنيف، بعد إخفاء البهائيين الـ 17 قسرًا من لحظة اعتقالهم، تم إطلاق سراح أحدهم (رجل مسن) في 9 يونيو الماضي، ومن بعده 3 نساء (من أصل 5 معتقلات) في21 من الشهر نفسه. وفي 12 يوليو تم إطلاق سراح أحمد الملاحي بعد تدهور وضعه الصحي، كما تم إطلاق سراح معتقل أخر بنهاية الشهر؛ ليصبح بذلك عدد البهائيين المحتجزين لدى قوات الحوثيين 11 شخصًا، ما زالوا جميعهم رهن الإخفاء القسري، ولم تتمكن عائلاتهم ولا محاميهم من التواصل معهم. بينما تم إجبار المُطلق سراحهم على التوقيع على وثيقة غامضة (لم نعرف محتواها بعد).
تأتي هذه الواقعة في سياق استهداف ممنهج للأقلية البهائية من قبل الحوثيين، إذ تتواتر وقائع الإيقاف التعسفي والخطف والاعتقال بحقهم. ففي 10 أغسطس 2016 ألقى جهاز الأمن القومي في العاصمة صنعاء القبض على 60 يمنيًا (معظمهم من البهائيين) بسبب مشاركتهم في برنامج تعليمي تربوي نظمته مؤسسة نداء بالتعاون مع المجتمع البهائي. وكان من بين المعتقلين نساء وأطفال قُصر. وبنهاية أغسطس، تم إطلاق سراح جميع المحتجزين من غير البهائيين، بينما استمر احتجاز البهائيين لمدة أطول قبل إطلاق سراحهم في وقت ٍلاحق. وقد تبع ذلك حملة مداهمات لمنازل عائلتين بهائيتين، ومقر البهائيين في صنعاء، ومقر مؤسسة نداء. وفي أبريل 2017، نفذت قوات أنصار الله (الحوثيين) سلسلة أخرى من المداهمات لمقار البهائيين، وبدأت المحكمة الجزائية المتخصصة، في أمانة العاصمة صنعاء التابعة للحوثيين، محاكمة غيابية، ما زالت مستمرة حتى الآن، بحق 24 شخصًا بينهم ثمانية نساء وطفل، بتهمة الإلحاد والتجسس لصالح إسرائيل والولايات المتحدة، وهي اتهامات قد تفضي لعقوبة الإعدام. وفي 22 مايو من العام نفسه، حذر مقرّر الأمم المتّحدة الخاص السابق المعنيّ بحريّة الدين أو المعتقد أحمد شهيد، من أنّ: “العديد من العائلات البهائيّة القاطنة في صنعاء هربت من منازلها وتعيش اليوم في خوف مستمر.”
هذه الانتهاكات بحق البهائيين لا تنفصل عن خطاب الكراهية الذي تتبناه جماعة أنصار الله الحوثيين، ويردده رأسها عبد الملك بدر الدين الحوثي، والذي تضمنت خطاباته تحريض مستمر وخطير ضد الأقليات الدينية بما فيهم البهائيين. ففي خطابه المتلفز في ذكرى يوم القدس العالمي في 13 أبريل 2023 اتهم عبد الملك بدر الدين الحوثي البهائيين بمحاربة الإسلام. وبالمثل أتّهم مفتي جماعة الحوثيين باليمن شمس الدين شرف الدين في خطبته يوم 2 يونيو 2023[1](أي بعد أسبوع من واقعة الاعتقال) أتباع البهائية بالردة والخيانة. ودعا شرف الدين إلى قتلهم حال لم يتوبوا، استنادًا لقانون العقوبات والجرائم اليمني، الذي يقضي في (المادة 12) بإعدام المرتد عن الدين الإسلامي، علمًا بأن اليمن صادق على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يكفل حرية الدين والتعبير عام 1987.
وفي اليوم ذاته (2 يونيو 2023)، نشر رئيس الجبهة التعبوية التابعة للحوثيين، أحمد مطهر الشامي، عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي محاضرةً بعنوان؛ “حقيقة البهائية”، أنكر فيها وجود أقلية اسمها البهائية في اليمن، واصفًا إياها بـ “مجرد مجموعة من الأفراد معدودين على الأصابع تريد القوى الكبرى أن تصنع منهم أقلية بالضجيج الإعلامي.” ووصف الشامي هذه المجموعة بـ”صنيعة الصهيونية واليهود” ونعتهم بـ”الكفار غير المسلمين”، ووصف البهائية بـ”ديانة كُفرية سيئة.”
يعتبر هذا الخطاب الحاض على الكراهية والعنف انتهاكاً صارخًا لحرية الدين والمعتقد وحقوق الإنسان، المكفولة لليمنيين بموجب المواثيق الدولية والدستور اليمني، والتي تقر حق الأقليات في التجمع وإدارة شئونهم الدينية والمجتمعية. إذ تنص المادة 27 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه: “لا يجوز، في الدول التي توجد فيها أقليات إثنية أو دينية أو لغوية، أن يُحرم الأشخاص من أبناء هذه الأقليات من حق التمتع بثقافتهم الخاصة، أو المجاهرة بدينهم وإقامة شعائرهم، أو استعمال لغتهم، بالاشتراك مع أبناء جماعتهم الآخرين.” كما ينص الدستور اليمني في المادة (41) على أن: “المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة.” وفي المادة (42): “لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون”.
المنظمات الموقعة أدناه تعرب عن بالغ قلقها لاستمرار انتهاك جماعة الحوثيين الممنهج لحقوق البهائيين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، خاصة العاصمة صنعاء، وتطالب بالإفراج الفوري عن المحتجزين البهائيين دون قيد أو شرط، وضمان سلامتهم، في ظل مخاوف من تعرضهم لانتهاكات جسدية ونفسية في معتقلات الحوثيين. فقد سبق وتعرض البهائي حامد كمال حيدرةللتعذيب والمعاملة السيئة طوال فترة اعتقاله لدى الحوثيين، وفي عام 2018 صدر الحكم بإعدامه، لكن تم إسقاط الحكم في 2020 والاكتفاء بنفيه خارج البلاد مع 5 بهائيين آخرين. كما تطالب المنظمات الموقعة المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ومبعوثها الخاص إلى اليمن، بالضغط على الحوثيين لوقف انتهاكاتهم المستمرة بحق البهائيين، ووضع حد لخطاب الكراهية والتحريض ضدهم، والذي يفاقم من حدة عنف الانتهاكات بحقهم.
المنظمات الموقعة: